البحث

كتب المرحوم الشيخ عباس القمي في كتابه الشريف «منازل الآخرة»:«أحد منازل الآخرة المهولة: القبر، فإنه في كل يوم يقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، ولهذا المنزل عقبات صعبة جداً، ومنازل ضيقة ومهولة، ثم يشير إلي عدة عقبات، ويقول: العقبة الأولى: وحشة القبر، العقبة الثانية: ضغطة القبر، والعقبة الثالثة: مسألة منكر ونكير في القبر».

وقد وردت روايات تصرح بأن منزل القبر صعب جداً، لكنه سهل للمؤمن، وعلي أي حال: في القبر، ظلمة ووحشة، غربة، ضغطة، وأسألة عقائدية وسلوكية صعبة وشاقة للغاية، روي عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) أنه قال: «يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فاحذروا ضيقه و ضنكه و ظلمته و غربته إن القبر يقول كل يوم أنا بيت الغربة أنا بيت التراب أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود و الهوام و القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار... وإن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة و تسعين تنينا فينهشن لحمه و يكسرن عظمه يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا يا عباد الله إن أنفسكم الضعيفة و أجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا...». [1]

لكن المهم أن نعرف أولاً: ما سبب ضغطة أو عذاب القبر؟ وثانياً: أي الأسباب تنجي من ضعطة وعذاب القبر؟ وثالثاً: عن ماذا يسأل في القبر؟ وبأي كيفية؟ روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «أيما مؤمن سأله أخوه المؤمن حاجة وهو يقدر علي قضائها ولم يقضها له سلط الله عليه شجاعاً في قبره ينهش أصابعه».[2]

أسباب ضغطة القبر:

أما أسباب ضغطة القبر فهي كالتالي:

1- إضاعة النعم الإلهية.

2- عدم الاحتراز من البول، والاستخفاف به، يعني استسهاله، وعدم رعاية الطهارة والنجاسة.

3- النميمة.

4- الغيبة

5- ابتعاد الرجل عن أهله.

6- سوء الخلق وغلظة القول مع أهله.

أسباب النجاة من عذاب القبر:

1- قراءة سورة النساء في كل جمعة.

2- المداومة علي قراءة سورة الزخرف.

3- قراءة سورة القلم في الفريضة أو النافلة. 

4- من مات بين زوال الشمس من يوم الخميس إلي زوال الشمس من يوم الجمعة .

5- صلاة الليل.

6- وضع جريدتين رطبتين مع الميت (تحت أبط الميت اليمني واليسرى).

7- وردت روايات كثيرة في استحباب رش القبر بالماء بعد دفن الميت و إبقاء القبر رطباً، مادامت الجريدتين رطبتين، فإن الله يرفع عنه العذاب ما دام القبر رطباً.

8- الصلاة عشر ركعات في اول يوم من رجب ف كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و قل هو الله أحد ثلاث مرات. (منازل الاخرة).

9- الصيام 4 أيام من رجب.

10– الصيام 12 يوماً من شعبان .

11- قراءة سورة «تبارك الملك»فوق قبر الميت .

12- أن يقرأ هذا الدعاء إلي جانبه بعد دفن الميت«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ لَا تُعَذِّبَ هَذَا الْمَيِّتَ إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ»[3]، وروي أنه هذا الدعاء يقرأ ثلاث مرات.

13- صلاة ركعتين في ليلة الجمعة؛ روي عن رسول الله صلي الله عليه وآله أنه قال:«من صلي ليلة الجمعة ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وإذا زلزلت الأرض زلزالها خمس عشرة مرة آمنه الله من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة».[4]

السؤال و الجواب في القبر:

من المسلمات الاعتقادية في المذهب الشيعي: الاعتقاد بالسؤال و الجواب في القبر. روي عن الامام الصادق(ع) قال: «من أنكر ثلاثة أشياء، فليس من شيعتنا: 1- المعراج 2- المسائلة في القبر 3- الشفاعة».[5]

ويستفاد من روايات كثيرة: أن الله ينزل على الانسان بعد الموت ملكين اسماهما ناكر ونكير أو منكر ونكير فيسألانه عن أصوله وعقائده، التوحيد، النبوة، الولاية، وكيف أنفق ماله، واكتسبه، فإن كان مؤمناً أجاب، فتعمه رحمة الحق ورعايته، وإن لم يكن مؤمناً، صمت ولم يجب، وابتلي بالعذاب الشديد البرزخي في قبره. 

وفي روايات أخري: يأتي الملكان منكر ونكير بهيئة موحشة مرعبة حين يدفن الميت، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيكون الجواب في تلك الحال صعباً جداً، ولهذا، يستحب تلقين الميت مرتين . روي: « أن الامام علي بن الحسين(ع) كان يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا، ويرغبهم في أعمال الآخرة، بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله وحفظ عنه وكتب كان يقول: أيها الناس اتقوا الله وأعلموا أنكم إليه ترجعون...».[6]

و ورد أيضاً في كلام له عليه السلام إشارة منه إلي مجيء منكر ونكير إلي الميت في القبر، بشكل مخيف ومرعب، فقال عليه السلام: « «أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يَسْأَلَانِكَ عَنْ رَبِّكَ الَّذِي كُنْتَ تَعْبُدُهُ وَ عَنْ نَبِيِّكَ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكَ و عَنْ دِينِكَ الَّذِي كُنْتَ تَدِينُ بِهِ وَ عَنْ كِتَابِكَ الَّذِي كُنْتَ تَتْلُوهُ وَ عَنْ إِمَامِكَ الَّذِي كُنْتَ تَتَوَلَّاهُ ثُمَّ عَنْ عُمُرِكَ فِيمَا كُنْتَ أَفْنَيْتَهُ وَ مَالِكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَ فِيمَا أَنْتَ أَنْفَقْتَهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ أَعِدَّ الْجَوَابَ قَبْلَ الِامْتِحَانِ وَ الْمُسَائَلَةِ وَ الِاخْتِبَارِ فَإِنْ تَكُ مُؤْمِناً عَارِفاً بِدِينِكَ مُتَّبِعاً لِلصَّادِقِينَ مُوَالِياً لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ لَقَّاكَ اللَّهُ حُجَّتَكَ وَ أَنْطَقَ لِسَانَكَ بِالصَّوَابِ وَ أَحْسَنْتَ الْجَوَابَ وَ بُشِّرْتَ بِالرِّضْوَانِ وَ الْجَنَّةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ الْمَلَائِكَةُ بِالرَّوْحِ وَ الرَّيْحَانِ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ تَلَجْلَجَ لِسَانُكَ وَ دُحِضَتْ حُجَّتُكَ وَ عَيِيتَ عَنِ الْجَوَابِ وَ بُشِّرْتَ بِالنَّارِ وَ اسْتَقْبَلَتْكَ مَلَائِكَةُ».[7]

الهوامش:

[1] (بحار الانوار، ج6، ص 218، باب 8 - أحوال البرزخ والقبر وعذابه).

[2] (بحار، ج 74، ص330).

[3] (ثقة الاسلام حاجي نوري، مستدرك الوسائل ج 2 ص 372 باب 49 باب استحباب الدعاء بالمأثور عند...).

[4] مصباح المتهجد،ص228.

[5] نتائج الأفكار،السيد الگلبايگاني،ج1، ص211.

[6] الكاف،الكليني،ج8،ص72،ح29.

[7] (الكليني، الكافي ج 8 ص 72 و محمد باقر المجلسي، بحار الانوار، ج 6 ص 223 حديث 24).