هل للمرأة دور في الحركة المهدوية في يوم الظهور أو ما قبل الظهور أم لا؟ نحن نؤكّد أنَّ للمرأة دوراً بطولياً في الحركة المهدوية, وذلك من خلال عدّة طرق:
الطريق الأوّل: الروايات:
الرواية الأولى: عن المفضَّل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «يكون مع القائم (عليه السلام) ثلاث عشرة امرأة...»(1).
الرواية الثانية: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «... ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضاً...»(2), فهناك خمسون امرأة هنَّ من خلَّص أصحاب المهدي, لأنَّ الثلاثمائة والثلاثة عشر وزراءه, وأقطاب حكومته, وخلَّص أصحابه, وخواصّ أنصاره. هؤلاء الخواصّ فيهم خمسون امرأة.
الطريق الثاني: المطلقات:
إنَّ الأدلّة مطلقة ولم تختصّ بالرجل، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (آل عمران: ١٠٤)، وقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ (التوبة: ٧١), ومفادها أنَّ الزوجة وليّ على الزوج والزوج وليّ على الزوجة.
فإنَّ الزوجة إذا رأت زوجها يفرّط في الصلاة, أو يسمع الأغاني, أو يشاهد الأفلام الخليعة, فلها الولاية على أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وزجره, كما له الولاية عليها، ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾.
فما ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله (عزَّ وجلَّ)»(3), لا يختصّ بالذكور, بل المرأة الطبيبة المخلصة في الطبّ منتظرة للفرج, والمرأة المدرّسة المخلصة في تدريسها منتظرة للفرج, والمرأة الخطيبة المخلصة في خطابتها منتظرة للفرج.
الطريق الثالث: التاريخ:
إنَّ التاريخ الإسلامي لم تقتصر صناعته على الذكور, فكما شارك الذكور في صناعة التاريخ الإسلامي, شارك النساء في صناعة التاريخ الإسلامي، وكما كان لمقداد, وأبي ذر، وسلمان, وعمّار دور في صناعة التاريخ, كان للنساء أيضاً دور في صناعة التاريخ. مثل خديجة بنت خويلد، حيث كانت الداعم المالي والداعم الروحي لشخصية النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مسيرته الإسلاميّة والدعوية.
وفاطمة بنت محمّد في موقفها النضالي, حيث ضحَّت ببدنها, ووقتها, وجهودها في سبيل الدفاع عن حقّ الأمّة الإسلاميّة في الخلافة الراشدة.
وزينب بنت علي (عليها السلام) ودورها الإعلامي, إذ لولا دور زينب لانطوت ثورة الحسين.
وحكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السلام) كانت فقيهة وواسطة بين الأئمّة وبين الشيعة آنذاك.
وهذه الأدوار التي قمن بها هذه النسوة ليست أدواراً اضطرارية أو استثنائية, بل هي أدوار تأسيسية, لتأسيس خطّ للمرأة المسلمة أنَّها يمكن لها أن تصنع التاريخ, وأن تنهض ببطولة وإرادة حازمة بمثل هذه الأدوار.
الهوامش:
(1) دلائل الإمامة: ٤٨٤/ ح (٤٨٠/٨٤).
(2) تفسير العياشي ١: ٦٥/ ح ١١٧.
(3) كمال الدين: ٦٤٤/ باب ٥٥/ ح ٣.