الجمعة 3 رَجب 1446هـ 3 يناير 2025
موقع كلمة الإخباري
الفقه قانون الحياة
الشيخ أحمد صالح آل حيدر
2024 / 02 / 14
0

عندما خلق الله الإنسان جعل له ملكات وطاقات كبيرة وجعل المسيطر عليها خلقٌ أبدع صنعه وجعله حجته الباطنة وهو العقل الذي اعطاه شرفية كبيرة في دينه ، فأحتاج الإنسان إلى معرفة  ربه عبر هذا الطريق فاراه من عجائب صنعه ونسق نظامه وأعجازه العظيم فدله عليه وأرسل أنبيائه ورسله سفراء له يعلمون الإنسان كيفية أن يصل إلى عبادة الله وتوحيده وبالتالي ينال رضاه ويحقق الغاية من خلقه وهو حمل الأمانة فيقول { إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَیۡنَ أَن یَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا }[سُورَةُ الأَحۡزَابِ: ٧٢] فلم يتُرك هذا الإنسان الذي شرفه ربه بهذا التكليف بدون قانون ينظم له حياته وفق ما تريده السماء منه ،فليس هناك واقعة إلا ولله حكم فيها فقد ورد في الكافي الشريف عن علي بن إبراهيم  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع )قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ [مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَ فِيهِ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ] وأيضا مقتضى عدالة الله أن يختبر ويمتحن خلقه في دينهم ودنياهم حتى تتمايز الدرجات ويُعطى كل ذي حق حقه فجعل سبيل ذلك مقرون بالجزاء والعقاب ، فكان الفقة المنظم لحياة الفرد على كافة الأصعدة وبهذا حفظ النسيج البشري من الإنهيار وقضى على حياة الغاب التي كان يعيشها فقد ساوى الفقة الاسلامي بين الناس ،فإن  جميعهم موجه لهم التكليف بنفس الدرجة والقيمة الكبرى تُعطى لمن صان نفسه وابتعد عن المحرمات وجاء بالواجبات ولم يتعد حدود الله ، وبعبارة أخرى الفقة هو القانون الإلهي الذي ينظم الحياة حيث جعل لكل شيء حكما حتى أرش الخدش ، خصوصاً إنه تابع في تشريعه للمصالح والمفاسد فالحرام يحمل مفسدة والواجب يحمل مصلحه وهكذا المستحب والمكروه والمباح ، وفي زماننا هذا الحاجة أصبحت للفقة اكبر كون التحديات المصيرية أصبحت أكثر في ظل الفتن والظروف المحيطة بالإنسان فتشتد الحاجة إليه وتتاكد .

فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : وددت أن أصحابي ضُربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا 

وقال : لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا 

وقال : تفقهوا في الدين ، فإن من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي .

وقال : عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا ، فإن من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، ولم يزك له عملاً

إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة والآثار المستفيضة . [وردت هذه الأحاديث في الجزء الأول من الكافي الشريف]

ومن الواضح أننا مكلفون باتيان الواجبات وترك المحرمات ، وامتثال هذه التكاليف لا يتأتى إلا بمعرفة ما يجب وما يحرم ، حتى نفعل هذا ونترك ذاك . والعمل من غير معرفة لا يُحرَز معه براءة الذمة من الأحكام الإلزامية التي كلفنا الله بها ، فإن (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق ، لا يزيده سرعة السير إلا بعداً عن الطريق)

فالاهتمام بالفقة ومقدماته وتعليمه وتعلمه من التكاليف الواضحة التي جاءت للإنسان ،والشريعة بعناوينها وظيفتها الأساسية تعصم الإنسان بقدر التزامه باحكامها فكما يخصص المرء وقتا لكسب عيشه وللترفيه ولسائر شؤون حياته عليه أيضاً أن يهتم بأحكام الله بأن يتعلمها ويعلمها لأسرته ومن يهتم لشأنه لأنه من مصاديق الخير وطوقا للنجاة واداءا لحق المولى جل وعلا وطلبا لرضاه ومغفرته ...


التعليقات