المؤمنون في عصر الغيبة يواجهون
تحديات وتشكيكات ومصاعب لم يواجهها المؤمنون في عصر النبوة، ولن
يواجهوها في عصر الظهور، بَيْدَ أن الإيمان بوجود الإمام المهدي
المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وطول مدة غيبته، والتساؤلات
والشكوك المثارة حول فائدة وجوده مع عدم التقاء الناس به، يضاعف من
الضغوط النفسية التي تواجه المؤمنين في عصر الغيبة
الكبرى.
وهذا بذاته امتحان كبير، واختبار صعب لمعرفة تمسك المؤمن بعقائده، والتي منها الإيمان بوجود الإمام المهدي، وأنه حي يرزق. والتمسك بهذه العقائد الحقة في زمن الفتن والشكوك التي تبثها القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، أكبر دليل على التمسك بعقيدة وجود الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عن دليل وبرهان، وقناعة واقتناع، وليس مجرد تسايراً مع الجو العام الذي يعيشه أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) مع بعضهم البعض، فالإمام المغيب حقيقة أثبتتها الأدلة النقلية الصحيحة، ولا مجال للتشكيك فيها.
فالإيمان بالمهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يدل على تمسك المؤمن بعقائده، بالرغم من كل ما يُثار حولها من شكوك وإثارات ومزاعم باطلة.
فأولياء الله لا يرتابون في وجود الحجة، فعن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: (( وقد علم أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته عنهم طرفة عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس )) وعن يمان التمّار قال: كنا عند أبي عبدالله (عليه السلام) جلوساً فقال لنا: إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد ـ ثم قال هكذا بيده ـ فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثم أطرق مليّاً، ثم قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتق الله عبد وليتمسك بدينه.
فالمؤمنون يواجهون التشكيك والفتن؛ بل والسخرية من الإيمان بوجود المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بالمزيد من الإيمان والاعتقاد بما دلَّ عليه الأدلة المتواترة، ولا يداخلهم أي شك أو ريب أو زيغ لأن قلوبهم قد مُلئت بالإيمان، وعقولهم قد ازدادت قناعة بأن الأرض لا يمكن أن تخلو من حجة.
ومن دلالات الإيمان بوجود الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو توقع ظهوره في أي وقت من الصباح أو المساء، وإمكان وقوع ذلك في أي يوم أو شهر أو سنة.
فعلى المؤمن أن يستحضر في قلبه وروحه ونفسه توقع ظهور الإمام المهدي في كل وقت وحين، وهذا الاستحضار يجعل المؤمن مستعداً للانضمام تحت راية الحجة والقائد الذي سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما ملئت ظلماً وفساداً وجوراً .