يقول الكاتبان كاثي جيلسين وكريشناديف كالامور في مقال نشرته مجلة "أتلانتك" الأميركية، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب صعّدت من حدة الضغوط الاقتصادية ضد النظام الإيراني منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران العام الماضي، وسط خشية من اندلاع حرب جديدة في المنطقة.
غير أن الكاتبين يستدركان بأن مستشار الأمن القومي جون بولتون صرح الأحد الماضي بأن "الولايات المتحدة لا تسعى لخوض حرب مع النظام الإيراني"، معلنا أن السفن الحربية الأميركية كانت متجهة إلى الشرق الأوسط، لكنه أضاف أن "أي هجوم يستهدف مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائها سيُقابل بقوة لا هوادة فيها".
ويشير المقال إلى أن إدارة ترامب أقرت عددا غير مسبوق من العقوبات لعرقلة صادرات إيران النفطية ومعاقبة دعمها لوكلائها في المنطقة، وأن بولتون ذكر بعض التهديدات الإيرانية غير المحددة التي تستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها الإقليميين، وخاصّة تهديدات العنف.
ويقول الكاتبان إن بيان بولتون يتفق مع نبرة إدارة ترامب القاسية التي طالما طالبت طهران بتغيير سلوكها ونددت بأنشطتها الإقليمية وما سمته دعمها للإرهاب، وبطموحاتها لامتلاك الأسلحة النووية. كما يتوافق مع نمط خطاب التخويف العدائي المعتاد لهذه الإدارة، غير أن هذه الضجة قد تتحول إلى واقع عنيف عندما يتعلق الأمر بإيران.
مخاوف استهداف
ويشير المقال إلى أن المسؤولين في الإدارة لم يكشفوا حتى الآن عما أثار بالتحديد هذه المخاوف بشأن استهداف إيران للولايات المتحدة أو حلفائها، وأنه رغم ذلك فإن الأوضاع في المنطقة -وخاصة فيما يتعلق بمدى تركز القوات الإيرانية والأميركية فيها- تتيح للإيرانيين فرصا كثيرة لمضايقة الأميركيين وحلفائها إذا ما أرادوا ذلك.
وبحسب الكاتبين فإن إيران تهدد بشكل روتيني بعرقلة تجارة النفط العالمية عبر مضيق هرمز قبالة سواحلها، كما "تهدّد قواتها المتحالفة في اليمن وقطاع غزة بشكل مباشر حلفاء الولايات المتحدة في كل من السعودية وإسرائيل بتوجيه هجمات صاروخية".
وينسب المقال إلى المحللة السياسية بمؤسسة "راند" بيكا فاسر قولها في رسالة إلكترونية إن "بيان بولتون استفاد ببساطة من التحركات الحالية والمستمرة للناقلات من أجل توجيه رسالة إلى إيران. ومن المهم أن نلاحظ أن أوامره هو أو البيت الأبيض بتوجيه الناقلات قد كان أمرا مخطّطا له"، مضيفة أن "البحرية الأميركية وجميع القطاعات الأخرى، تسعى لتوظيف قوة ديناميكية لإظهار المرونة والقدرة على الاستجابة للطوارئ والأحداث العالمية في حال وقوعها".
وأوضح الكاتبان أنه عندما صنّفت إدارة ترامب الحرس الثوري الإيراني على أنه جماعة إرهابية، فقد كانت تأمل أن تقوّض جهاز الأمن الإيراني المهيمن دوليا، والذي يمثّل أيضا طرفا اقتصاديا فاعلا.
مقتل أميركيين
وينقل المقال عن مسؤولين أميركيين أن القوات المدعومة من إيران كانت مسؤولة عن مقتل أكثر من 600 فرد من القوات المسلحة الأميركية بين عامي 2003 و2011، لكن هذين الطرفين شاركا في القتال في صف واحد ضد تنظيم داعش بالعراق وسوريا منذ العام 2014، كما تعاونا في بعض الأحيان.
ويقول الكاتبان إنه إذا ظلت التحذيرات الموجهة لإيران غامضة، فسيكون احتمال تصعيد التهديد الإيراني للولايات المتحدة وحلفائها وشيكا.
وبينما يشير المقال إلى تزايد احتمالات نشوب صراع في المنطقة في هذا السياق، يضيف أن الأهم يتمثل في تجارة النفط العالمية التي تعتمد بشكل كبير على مضيق هرمز، حيث يتدفق حوالي 18.5 مليون برميل يوميًا عبر الممر المائي الضيق الواقع بين إيران وشبه الجزيرة العربية.
إيران تتحدى العقوبات باستئناف أنشطتها النووية
ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن إيران سوف تستأنف برنامجها النووي المتوقف ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 لكنها لن تنسحب من الاتفاق.
ونقلت الإذاعة الإيرانية الرسمية عن مصدر مقرب من لجنة حكومية تشرف على الاتفاق النووي القول إن الرئيس حسن روحاني سيعلن أن إيران ستقلص بعضا من تعهداتها "البسيطة والعامة" بموجب الاتفاق اليوم الأربعاء الثامن من مايو، أي بعد عام بالتمام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق.
وقال المصدر وفقا للوكالة "ردا على خروج أميركا من الاتفاق النووي والوعود الجوفاء من الدول الأوروبية في تنفيذ التزاماتها، قررت الجمهورية الإيرانية استئناف جزء من الأنشطة النووية التي توقفت بموجب إطار الاتفاق النووي".
وعلى صعيد مماثل ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية يوم الاثنين نقلا عن "مصادر مطلعة" أن إيران ستعلن يوم الأربعاء عن إجراءات "المعاملة بالمثل" ردا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
وقال التقرير إن إيران أبلغت بعض زعماء دول الاتحاد الأوروبي بقرارها بشكل غير رسمي.
وتحركت الولايات المتحدة يوم الجمعة لإجبار إيران على الكف عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب وعن التوسع في محطتها الوحيدة للطاقة النووية.
قوة لا تلين ضد إيران
وتنشر إدارة ترامب حاليا حاملة طائرات وقاذفات في الشرق الأوسط ردا على عدد من "المؤشرات والتحذيرات" المثيرة للقلق من إيران.
وقال مستشار الأمن القومي جون بولتون يوم الأحد إن نشر حاملة الطائرات وقاذفات القنابل يأتي لإظهار أن الولايات المتحدة سترد على أي هجوم "بقوة لا تلين".
وأضاف بولتون أن القرار، الذي قد يفاقم التوترات بين البلدين، يهدف إلى إبلاغ إيران "رسالة واضحة لا لبس فيها" على موقف أميركا الصارم تجاه طهران.
ورغم أنه لم يشر إلى أي أنشطة إيرانية محددة ربما أثارت مخاوف جديدة فإن إيران حذرت في الآونة الأخيرة من أنها ستغلق مضيق هرمز إذا حرمت من استخدام الممر المائي الاستراتيجي.
ووجه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحذيرا أيضا لإيران يوم الأحد.
وقال بومبيو للصحفيين على متن طائرة أقلته إلى فنلندا لحضور اجتماع مجلس بلدان القطب الشمالي "ما يحدث هو أننا نرى إجراءات تصعيدية من جانب الإيرانيين... وسوف نحمل الإيرانيين المسؤولية عن أي هجمات على المصالح الأميركية".
وأضاف "إذا حدثت تلك الأعمال، إذا نفذوها بالوكالة عبر طرف ثالث مثل جماعة ميليشيا، مثل حزب الله، فسوف نحاسب القيادة الإيرانية مباشرة على ذلك".
خطط إيران لضرب الأميركيين.. هجمات متنوعة بالخليج والعراق وسوريا وباب المندب
قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن واشنطن قررت تعزيز قواتها في الخليج في ضوء معلومات استخبارية أفادت بأن إيران تخطط لاستهداف مصالح أميركية في عدة دول بالمنطقة، عبر هجمات متنوعة تشمل غارات بطائرات مسيرة وتفجيرات واغتيالات.
وأضافت في تقرير لها نشرته يوم الاثنين -نقلا عن مسؤولين أميركيين- أن المعلومات التي جمعتها الاستخبارات الأميركية تفيد بأن الخطط الإيرانية تشمل شن هجمات منسقة في مضيق باب المندب (جنوب غرب اليمن)، وهو ممر ملاحي إستراتيجي، عبر جماعات مسلحة موالية لها، في إشارة على الأرجح إلى الحوثيين.
ووفق مصادر الصحيفة، فإن الإيرانيين خططوا أيضا لاستهداف القوات المنتشرة في الخليج بواسطة طائرات مسيرة تملكها القوات الإيرانية، وربما فكروا أيضا في استهداف القوات الأميركية المنتشرة في الكويت.
وبحسب المعلومات نفسها، فإن الخطط الإيرانية تشمل مهاجمة القوات الأميركية في العراق، وربما أيضا في سوريا.
وفي مقال منفصل لهيئة تحريرها، قالت وول ستريت جورنال إن المليشيات المدعومة من إيران قد تستهدف القوات الأميركية في العراق، كما أن الحرس الثوري الإيراني يمكن أن يشن غارات مباشرة على السفن أو الدبلوماسيين الأميركيين، وإن إيران قد تلجأ أيضا إلى محاولات اغتيال أو عمليات تفجير في الغرب.
وقال مسؤول أميركي إنه ليس من الواضح ما إذا كانت الخطط التي وضعها الإيرانيون لضرب مصالح أميركية بالمنطقة على وشك التنفيذ أم أنها كانت استعدادات أولية تحسبا لمواجهة بين الطرفين.
خطوة للردع
وكان وزير الدفاع الأميركي بالوكالة بات شانهان قال أمس إن الإعلان عن نشر حاملة الطائرات "أبراهام لنكولن" ومجموعة من القطع الحربية في منطقة الشرق الأوسط، يمثل إجراء احترازيا ردا على تهديدات إيرانية جدية.
ودعا شانهان إيران للكف عما وصفها بالاستفزازات، وأكد أن الولايات المتحدة ستحملها مسؤولية أي هجوم على القوات الأميركية أو مصالح الولايات المتحدة.
وفي السياق، صرح مسؤول أميركي لشبكة "سي أن أن" بأن التهديدات الإيرانية كانت موجهة إلى القوات البحرية والبرية الأميركية في المنطقة، وأضاف أن عمليات نشر حاملة الطائرات ومجموعتها الحربية تهدف على وجه التحديد إلى ردع أي أعمال عسكرية إيرانية.
وفي طهران، علق قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي اليوم الثلاثاء على التعزيزات العسكرية الأميركية بالقول إن لديهم الإرادة الكافية لتتبع الأعداء وإلحاق الهزائم بهم والقضاء عليهم.
والشهر الماضي، هدد الحرس الثوري الإيراني -الذي صنفته واشنطن مؤخرا منظمة إرهابية- بإغلاق مضيق هرمز بعد إعلان الولايات المتحدة أنها ستلغي الإعفاءات التي منحتها العام الماضي لثمانية مشترين للنفط الإيراني، ومطالبتهم بوقف مشترياتهم بحلول الأول من مايو/أيار الحالي أو مواجهة عقوبات أميركية.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني كيوان خسروي قال أمس إن تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون عن إرسال حاملة الطائرات لنكولن "تدخل في إطار الحرب النفسية"، مضيفا أنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستحاول اختبار قوة القوات المسلحة الإيرانية.
وبالتزامن، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن السياسات والتحركات الأميركية تعقد أوضاع المنطقة.
وأضاف روحاني أن استهداف أميركا صادرات إيران النفطية هدفه ضرب استقرار المنطقة وأمن شعوبها، داعيا دول المنطقة -خصوصا الخليجية- للتعاون سياسيا وأمنيا.
توتر بالخليج
ويأتي الإعلان عن تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الخليج بحجة وجود تهديدات إيرانية ملموسة في الذكرى الأولى لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وسط توتر متصاعد ينذر بمواجهة رغم تأكيد الطرفين عدم رغبتهما في الحرب.
وتفاقم التوتر مؤخرا عقب قرار واشنطن وقف الاستثناءات الممنوحة لبعض الدول المستوردة للنفط الإيراني، وذلك في إطار سعيها لوقف ضخه بالسوق العالمية، في حين رد الإيرانيون بالتهديد بغلق مضيق هرمز، واستئناف بعض الأنشطة النووية التي تم وقفها لسنوات.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال أمس إن بلاده لاحظت أنشطة إيرانية تشير لاحتمال وقوع تصعيد، مضيفا أن ذلك ما دفعها لاتخاذ إجراءات ملائمة على المستوى الأمني، أو على صعيد توفير خيارات أمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرد على أي تطورات مستقبلية.
وفي الوقت نفسه، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إن واشنطن سترسل حاملة الطائرات إلى منطقة عمل القيادة المركزية بمنطقة الخليج، في إطار الرد على عدد من مؤشرات التصعيد المقلقة والتحذيرات، في رسالة واضحة لإيران بأن أي هجوم على مصالح أميركا أو حلفائها سيقابل بقوة صارمة.
وأضاف بولتون -المعروف بمواقفه المتصلبة تجاه طهران- إن "أميركا لا تسعى إلى حرب مع النظام الإيراني، إلا أننا على أهبة الاستعداد للرد على أي هجوم، سواء بالوكالة أو من الحرس الثوري الإيراني أو القوات النظامية الإيرانية".
وعن إرسال حاملة الطائرات لنكولن إلى الخليج، قالت هيئة تحرير صحيفة وول ستريت جورنال إنه تحذير لإيران ووكلائها في المنطقة، وللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني على وجه الخصوص، مشيرة إلى أن سليماني يوجه الكثير من سياسة بلاده الخارجية.